إيّاكَ و التّسويف
كلنا نسوّف في التوبة، و نقول: غداً أو بعد غد .. و ننسى أن الحجر إذا دُحرج من عَلٍ، و لم يوقفه شيء في القمة، فإن انحداره سريع سريع .. كلما أوغل في الهبوط، هوى و ازداد غيّاً .. كم أنت رائع إذا وجدتَ نفسك يوماً تقاوم هواك من أجل ربك جلّ في علاه .. تبادر للتوبة و الإنابة، كلما وقعتَ في ذنب و معصية .. و تلجأ إلى الله كلما أُغلقتْ حولك الطرقات .. لا تيئس بحال من الأحوال، مهما رأيتَ نفسك تتعثر في كل مرة، مهما رأيت نفسك تُهزم أمام إغراءات الشيطان .. لا تيئس، اجمع ثيابك، انهض من عثرتك، و عُدْ إلى الله سريعاً .. عُدِ المرّة تلو المرة، و أطلْ الوقوف عند بابه .. ابكِ على أعتابه، و اعزم على ألا تعود إلى الوحل، و ألا تسمح للشيطان أن يخدعك .. ثق أن الله يقبل من أقبل عليه، و لا يردّ من وقف على بابه .. و لا تكن كمن قبل فيهم: تَصلِ الذنوبَ إلى الذنوبِ و ترتجي ... دَرَجَ الجنانِ لدى النعيم الخالدِ و نسيتَ أن اللهَ أخرج آدمَ ... منها إلى الدنيا بذنبٍ واحدِ ذلك إنسان أصرّ على أن يتمادى، و أعطى للشيطان فسحة في قلبه ليستولي عليه .. يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: "كل ابن آدم خطّاء، و خير الخطائين التوابون" . فكن من الصنف الراقي المتميز: "خير الخطائين" . لم يطالبك رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا تخطئ، بل طالبك إذا أخطأت بادرتَ إلى التوبة سريعاً بلا تسويف، فإن فعلتَ هذا فأنت من "خير التوابين" .. ما أروعك عند ذلك .. ما الذي يحول بينك و بين ذلك الفضل العظيم؟ .. تذكّر قول ربك تبارك و تعالى في علاه: {إن الله يحبّ التوابين و يحب المتطهرين} . فهنيئاً لك إذا قررت أن تصطلح مع ربك. يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: - من أُعطي الدعاء لم يُحرم الإجابة، لأن الله تعالى يقول: {ادعوني أستجب لكم} . - و من أُعطي الشكر لم يُحرم الزيادة، لقوله تعالى: {لئن شكرتم لأزيدنكم} . - و من أُعطي الاستغفار لن يُحرم القبول، لقوله تعالى: {و استغفروا الله إن الله غفورٌ رحيم}