بكاء الرجل بين رفض المجتمع و تشجيع علم النفس
):الكثيرون يعتبرونه عيبا
بكاء الرجل بين رفض المجتمع و تشجيع علم النفس
لبكاء صفة فطرية وفسيولوجية في الإنسان تحرر مشاعره وتخلصه من الكبت الذي يتعرض له، وهو راحة للنفس والروح والجسد كما يؤكد العلم.. لكن في مجتمعنا هناك نوعان من الدموع.. دموع مسموح بها وهي دموع النساء و الأطفال، وأخرى ممنوعة.. وهي دموع الرجال.. فبكاء الرجل - عند الكثيرين - يقلل من قدره ومكانته، لذلك يحبس كثير من الرجال دموعهم حتى لا يتهموا بالضعف والنقص وعدم الرجولة.
هذه هي نظرة المجتمع لبكاء الرجل رغم أن البكاء عند الرجل أو غيره ليس سوى وسيلة للتعبير عن مشاعر إنسانية.
لكن هذا لا يمنع وجود رجال لا يترددون في ذرف دموعهم تعبيرا عما يجيش بصدورهم.. فمتى يبكي الرجل؟ وهل عندما يبكي يحاول أن يخفي دموعه عمن حوله؟ وهل في بكاء الرجل أي عيب ؟ وكيف ينظر الآخرون للرجل الباكي؟
هذه بعض الأسئلة التي تدور في أذهان الكثيرين والسطور التالية محاولة للإجابة.
دموع غالية
يحبس الرجل دموعه لأنه في مجتمع به معتقدات خاطئة.. فالناس يعتقدون أن من تسقط دموعه ضعيف وأعتقد أن الرجل يحبس دموعه حتى لا يبين ضعفه.. رغم أن الرجل إنسان لا فرق بينه وبين المرأة له مشاعر وأحاسيس ولم يحرم عليه البكاء أبدا لكن بطبع الرجل وبقوته لا يهزه أي شيء، و لا تسقط دمعته لأي شيء.
و ليس في بكاء الرجل عيب لكن دموع الرجل غالية وإن كانت هناك مواطن لابد أن يبكى فيها الرجل.. كأن يبكى من خشية الله ومن فراق حبيب.. فلقد بكى الحبيب محمد - صلى الله عليه و سلم - يوم وفاة ابنه إبراهيم.. ولكن هناك مواطن لا يبكى فيها الرجل ويجعل الدموع سلاحه مثل المرأة ولو عمد إلى ذلك لصغر في عين زوجته وأهله.
مشاعر وأحاسيس
هذا الموضوع حساس جدا ففي زمننا هذا أصبحت الدموع نادرة من الرجال بشكل لا نستطيع أن ننسبه للثقافة الاجتماعية والتربوية , منذ الطفولة ترسبت بعض المفاهيم بعقلية الفرد وهي أن الولد قوي لا يبكي، عكس البنت الضعيفة.. ولكن من وجهة نظري كلنا ضعفاء وكلنا نملك مشاعر وأحاسيس.. ألسنا بشرا و أنفسا و أرواحا و قلوبا وكل ما أقوله أن كل دمعة من العين هي جرح في القلب .
التركيبة النفسية
أن الرجل دائماً يخفي دموعه عن الجميع , بالطبع هي ليست عيباً ولكن تركيبته وبيئته تمنعه من أن يظهر بكاءه بشكل علني أمام الجميع.. وأعتقد أن ندرة دموع الرجل ترجع لتركيبته النفسية المعقدة ومع هذا أرى أن دموع الرجل مذلة بأي حال من الأحوال لأن الرجل أقوى من المرأة وأكثر شدة وصلابة وتحملاً للأزمات والمصائب ودموع الرجل إذا نزلت فهي حمم تحرق صاحبها.
قهر الرجال
أن الفرق بين دمعة الرجل ودمعة المرأة يتمثل في أن المرأة تتخذ الدموع وسيلة للتعبير عن ضعفها وقلة حيلتها أو لشدة فرحها وهذا نابع من زيادة عاطفتها وكبر قلبها وشفافية أحاسيسها وفي النهاية هذا تكوين رباني ولا اعتراض على مشيئة الله.. والرجل يبكي في بعض المواقف وهذا ينفي ما يقال عن الرجل من قسوة القلب وصلابة المشاعر وقلة الأحاسيس, في النهاية يبقى الرجل إنسانا يحمل في خلجات صدره مشاعر وأحاسيس راقية .. ولكن تبعا لخشونة تكوينه الرباني وأنه الطرف الأقوى تبقى دموعه غالية وعزيزة عليه، وان خرجت تحرق.. لأنها لا تخرج إلا لفراق عزيز على القلب أو تعبيرا عن قهر.. واصعب شيء في الدنيا أن يقهر الرجال.
صفة إنسانية
البكاء صفة إنسانية عند الرجال والنساء لكن النساء في أغلب الأحيان أكثر قدرة على التعبير عن عواطفهن بطرق شتى ومنها البكاء أما الرجل في المجتمع الشرقي فتتم تربيته على أنه القوي الذي لا يجب أن تُرى له دمعة لأن ذلك يدل على الضعف الذي لا يتماشى مع مفاهيم الرجولة العربية لكنني أعتقد أن الرجل حينما يبكي فإن ذلك يدل على امتلاكه قلباً نابضاً نقياً يتأثر بما حوله وليس كالحجر الصوان.
وعن رأي علم النفس في بكاء الرجل يقول استشاري الطب النفسي، عضو المجلس الطبي البريطاني وعضو الكلية الطبية النفسية البريطانية د. محمد نعمان إن البكاء عاطفة وجدانية يتعرض لها الرجل والمرأة على حد سواء وبالنسبة لاعتبار المجتمع بكاء الرجل دليلا على ضعفه فهذه نظرة قاسية ربما سببها أن الرجل أقل بكاء من المرأة.. وبصورة عامة فإن علم النفس يشجع الشخص على التعبير عن مشاعره ومن ضمنها البكاء لأن أي صورة من صور التعبير عن المشاعر بشكل صحي دليل على الصحة النفسية ، ورغم أنه من الطبيعي أن يبكي الرجل إلا أننا في العالم الثالث لا نزال نعتبر الرجل الذي يبكي ضعيفا وينظر له المجتمع بقسوة لا تستند إلى أي حقيقة علمية.